صلاة الجمعة في عصرنا الحديث

تقديم ا. د. اسامة الخطاري

حان الآن موعد صلاة الجمعة حسب التوقيت المحلي…
عبارة تعني ببساطة أن موعد تأهبك وذهابك لمكان مقدس
وسماع كلام غير ذي جدوى قد آن!!!
خطيب الجمعة سيحدِّثك عن التبرج، والتقصير في جنب الله، ومفهوم العبودية، وفضل صلاة الجمعة، ويوم عاشوراء ….غير أن النبي صلى الله عليه وسلم لو كان بيننا، لا أظنه أبدًا سيفوِّت فرصة كهذه ليتحدث عن احترام المرور، ونقد الفساد الإداري والرشوة، واستنكار غياب النخوة التي جعلت نساءنا يخفن وهن يمشين في الشوارع بسبب نسب التحرش العالية. سيتحدث عن حق المطلقة وترهيب من يحاول مضايقتها، وإكرام الأرملة واحترام رغبتها سواء بعدم الزواج أو بالزواج ممن تريد، ويُرهب مَن سوَّلت له نفسه أن يسرق إرثها بحجة العُرف. .. لو كان بيننا، لتحدث عن خطورة عمل «شير» على وسائل التواصل الاجتماعي لمعلومة أو محتوى غير واثق من صحته، وكتابة منشورات كئيبة تبشِّر الناس بهلاكهم، والنظر إلى البشر وفقًا لمكانتهم الاجتماعية، وماركات سيارتهم، وهواتفهم، وأحذيتهم! !! لو كان بيننا لتحدث عن الله فحبَّبَنا فيه، وعن أنفسنا فأيقظ ضمائرها، وعن الحياة فضبط رمانتها، وأخرجنا من مسجده في شوق للعمل، وأمل في العودة الأسبوع اللاحق….لكنه ليس بيننا، ويتقافز على منبره × غيرُ قليل من السُّذَّج، ويُمنع من الصعود إليه أيضًا غير قليل من الصادقين المخلصين… نعم، الفكرة ليست في أن رجالنا وشيوخنا غير مؤهلين لحمل الأمانة، الفكرة أن المنبر هو الآخر مسروق، سرقه ال…… ومَن خلفهم، واختاروا لنا وجبات باردة من الموضوعات لا طعم لها ولا رائحة ، يبيعون مخدرات ذات صنف رديء، يمكنك اختصارها كلها في عبارة قالها ابن أحدهم يومًا بعدما سأله أبوه عن موضوع الخطبة، فقال بتردد: «لا أدري، غير أنه كان يؤكد أننا لسنا على خير»!
نعم، هذا الصنف من المخدرات رديء جدًّا، فكرة أن نجلد أنفسنا، ونكره الدنيا، ونغلق علينا أبوابنا، ونبكي على خطايانا حتى ينتهي اللص من سرقة ما يريد، هو أقبح أنواع المخدرات على مر التاريخ.
قد يختلف اسمه من دين إلى آخر، لكنك ستجده في الكنائس والمعابد كما في المساجد وعلى المنابر…. أرجوك خفِّف من غضبك وأجبني، أنت وأنا وكل واحد منَّا سواء كان متدينًا أو مُقصِّرًا قد سمع على الأقل آلاف الخطب، أليس كذلك؟!
بالله عليك، كم مرة سمعت أحدهم يعترف بأنه لولا كلمة سمعها من إمام الجمعة لما كان مستقيمًا، أو أن خطبة جمعة ما أعادته إلى الرشد، أو ذهب باكيًا إلى زوجته التي ظلمها، أو أخته التي قاطعها، أو صديقه الذي خانه، أو عميل لديه قد غشه ليعيد الحقوق إلى أصحابها بسبب ضميره الذي صحا في وسط خطبة ما في مسجد ما مع إمام ما؟!!!!

x

‎قد يُعجبك أيضاً

قنا في عيد الصحه الثالث