أقبح شيء في هذا الوجود هو ان تكون موظفا
مقبوض عليك من الثامنة والنصف الى الرابعة والنصف
بينما تمر أشياء جميلة خارج مقر عملك لن تراها….
حياتك كاملة ستمر في هذه الدوامة ..
لن تستطيع التغيب الا بإذن ولن تاخد عطلة راحة الا باذن وإذا مرضت لن يصدقك أحد حتى تدلي بشهادة طبية.
وأحيانا لن يصدقوا حتى مرضك الواضح على وجهك فيرسلونك الى الفحص للتأكد.
لن تتمتع بنوم الصباح ..
لن تتمتع بشبابك
سـ تتوه وسط حروب تفرضها طبيعة شغلك ..
ستقضي حياتك ركضًا عبر وسائل النقل لتكون حاضرا في الوقت الذي حددوه لك …
ستعيش بأعصاب متوترة.
تستهلك اقراصا مقوية وأخرى ضد التوترات العصبية…
ستظل تتمنى وتنتظر الزيادة في الاجور وترقيات السلم الوظيفي، وتتابع الحوارات الاجتماعية والنقابات أملاً في الحصول على مستحقاتك المنهوبة.
لن يسمح لك بالمغادرة الا بعد ان تقضي خمسة وعشرين سنة في هذه الدوامة أو عندما تبلغ حد سن المعاش
سيحتفل بك ….وبنهايتك…. وقرب موتك زملاؤك في العمل…
يقولون كلمة وداع في حقك ..سيبكي البعض ليس عليك بل على حالهم الذي يشبه حالك
سيمنحك رئيسك المباشر شهادة وهدية بلا قيمة .. هي عزاء امام حياتك التي سرقت منك ..
ستعود الى البيت صامتا.
وفي صباح أول يوم من تقاعدك سـ تنتبه أن الاولاد رحلوا عن البيت
وأن شريكة حياتك هرمت وغشى الشيب رأسها
تتمعن فيها
تتساءل متى وقع كل هذا
حينها سينادي المنادي فيك …
أن الوظيفة تسرق الاعمار بلا فائدة…فلا تنخدع في المُسكِن المسمي بالمرتب الثابت ??