《 التخلّي و التحلّي و التجلّي 》

السير في طريق الله معناه أن يبدأ الإنسان بالتوبة ، و ما معني التوبة؟! معناها أن ينخلع من المعاصي و أن يعاهد نفسه علي أن يترك المعاصي و أن يعطل ملك السيئات ، أي يجعل ملك السيئات لا يكتب عليه شيئاً
و هذا الإنخلاع له درجات :
أولها انخلاع من المعصية ، المعصية هي التي يقول عنها الشرع إن هذا حرام فالإنسان قرر مع نفسه ألا يفعل هذا الحرام.

هناك توبة أخري و هي :
الإنخلاع من كل ما يشغل البال أو القلب عن الله من ولد و من المال و من حب للأكوان و للسلطة و للجاه و للشهوات
فالإنسان هنا لم يرتكب حراماً لكي يتوب منه فهو قد تركه لكنه الآن يتوب من شيء آخر يتوب من الانشغال عن الله!! و كأن الإنشغال عن الله – و هو أمر يقع فيه جل البشر – معصية ، لا .. هو ليس معصية لكن كأنه معصية!! و هو لعلو همته يعتبره في حقه معصية فيُخلي قلبه من شواغل الدنيا و مشاغلها “يخلّي قلبه” هذه كلمة وقف عندها السادة الصوفية كثيراً وقفوا عند التخلية من كل قبيح.

و يأتي بعدها معني آخر و هو أن :
“يحلّي قلبه” بكل صحيح وهذه هي التحلية.
إذن فهناك مرحلتان و هما :
“التخلية و التحلية”
فالتخلية تفريغ القلب من الشواغل و المشاغل. و التحلية هي تجميل القلب بهذه الصفات العالية من التوكل و من الحب في الله و من الاعتماد علي الله و من الثقة بما في يد الله إلخ…
أي التخلي عن كل فاني و التحلي بالباقي سبحانه

و السالك إلي الله لا يزال إلي الآن في المرحلة الأولي من الطريق و من التوبة فإنه خلّي قلبه من القبيح و حلي قلبه بالصحيح لكن تأتي توبة أخري بعد ذلك في مرحلة ثانية يتشوق فيها قلب هذا التقي النقي الذي خلي قلبه من الشواغل و المشاغل و خلي نفسه و جوارحه من المعصية و التعلق بكل ما هو فاني ثم خلي قلبه من الشوائب ثم حلي قلبه بتلك المعاني الفائقة الرائقة و هو في كل ذلك يريد من الله أن يتجلّي عليه.

و هذا التجلي يأتي بعد التخلي و التحلي فما معني التجلي؟ معناه- كما قالت السادة الصوفية : التخلق بأخلاق الله : فالله تعالى رحيم فلابد من أن نكون رحماء والله تعالى رؤوف فلابد من أن نكون كذلك و الله تعالى غفور فلابد أن نكون متسامحين نغفر للآخرين و يصبح الإنسان في رضا عن الله عنده تسليم تام بقدر الله.

و صل اللهم و سلم و زد و أنعم و بارك على الحبيب المصطفى و آله و صحبه أجمعين ?

x

‎قد يُعجبك أيضاً

قنا في عيد الصحه الثالث