الحمد لله

بقلم د. ايمن خضاري ابوجبل

الحمد لله لم اعد اندم علي شيء ،
هرب القلق مني بعد ان امتص الروح من سنوات عمري السابقة ، هرب الان و حررني اخيراً من عبء حمل هم تلال من الأخطاء ، التي ارتكبتها في حق نفسي قبل اَي شخص اخر ..
الان ، اخيرا استطيع ان اعترف انني لست نادما علي تلك السنوات التي قضيتها مستسلما ، مسلوب الإرادة ، غارق في العمل ،
تلك السنوات التي أقنعت نفسي فيها انني استطيع ان أتنفس تحت الماء ، ان ازهر في الظل دون ان يلمس بشرتي شعاع شمس واحد ، تلك السنوات الكثيرة التي قضيتها دون راحه

و لن اعتذر عن كل تلك الأخطاء الخرافية الأبعاد التي ارتكبتها في سنوات الجرأة و التسرع ، لن اعتذر عن شيء فاكثر شخص أذيته في حياتي هو انا .
لن اعتذر عن سلامة النية ولا عن تصديق اَي كذبة ولا عن النظرة الطفولية للأشياء ولا عن تصور ان البشر أنقي من الحقيقة ولا عن تلك القدرة الخارقة التي تجعل عقلي يري اجمل ما في الأشياء و يتغاضي عن الأسوء ، لن اعتذر علي الشجاعة التي تصل لحد الغباء ،

بل انني اليوم اشعر بما هو عكس الندم تماما ، اشعر بالفخر
انا اليوم فخور بكل سنوات عمري ، فخور بالصبر و الاحتمال ، بالقدرة علي العطاء رغم الحرمان ، و بالقدرة إلغير مبرره علي ايثار غيري عن نفسي ،
فخور بنفسي ، باخطائي ، بعثراتي ، و كبواتي.
فخور بكل لحظة تغلبت فيها علي ألم وتعب العمل ، و تسامت روحي عن رد الإساءة بمثلها ، فخور بكل لحظة عفو عند المقدرة بدت لغيري كضعف و قلة حيلة ، فخور بالتسامح ، بالتغاضي ، بالبرائة و الطفولة التي ارفض ان أتخلي عنها
فخور بكل لحظة ضعف علمتني ، و بكل صفعة انضجتني و بكل سقطة وقفت بعدها اكثر طولا و اكثر قوة

فخور بحياتي و لست نادما علي شيء
فقد عشت حياة ثرية ، مليئة بالأحداث كفيلم تملئه الألوان المبهجة و نقاط التحول المفزعة
كانت حياتي كتلك اللعبة التي توضع في منتصف الملاهي ، تلك العجلة الكبيرة التي تأخذك لأعلي نقطة و تظن انك تلمس بيديك السحاب ، ثم تنزل فتغرس أقدامك في الطين ،
نعم كانت حياتي محيرة تماما لدرجة انني لو فكرت ان اكتب فصولها لاحترت انا نفسي كيف احكي كل تلك الأحداث ، اذا حكيت تفاصيلها لمن لم يعيشها لن يصدق ، سيظن انني أؤلف سيناريو غير منطقي ،
فقد ارتفعت بي تلك العجلة فلامست النجوم ، بل انني عشت وسطهم كواحدا منهم ، نعم جربت القمة ، و عرفت القاع ،
و خرجت منه وحدي ، لم امسك بيد احد سوي نفسي ، لم الجأ لاحد سوي ربي

نعم انا فخور
بكل قصصي ، بكل الصداقات الحقيقيه والمزيفه وكنت اعلم انها مزيفه ، بكل حروبي و جروحي ، بكل الالم و بكل الضحكات ، حتي علامات الأقدام التي تركها من أحببتهم علي وجهي لم اعد ارغب في إخفائها ولا أنكرها ، فقد ربحت ، و خسرت و تعلمت و كبرت

و كأن كل تلك الأحداث و كل تلك العثرات كان لها هدف واحد ، وهو ان تعرفني علي نفسي
ان تكشف لي انني اقوي مما كنت اتخيل ، تثبت لي انني اخترت أن أكون علي ما انا عليه ، انني لم اقبل القاع و لم يغيرني قربي من النجوم ، انني حافظت علي نفسي في الحالتين ، و بقيت انا

و الان انا اعرف نفسي جيداً ، اقبل نفسي كما انا ، احب تفاهتي بقدر حبي لعمقي ، احب لحظات قوتي ولا اهرب من ضعفي ، اعرف كيف اتعامل مع الالم ، كيف انهض ، كيف أتكئ علي نفسي ، ولا انتظر النجدة من احد سوي ربي ،
اعرف كيف اشد بيدي اليمني علي اليسري و كأنني صديق نفسي ، و كيف تمسك نفس تلك اليد اليمني باليسري حتي تمنعها من السقوط عندما تهتز الارض تحت قدمي ، بل تعلمت ان احتضن نفسي ، ان أنجو بنفسي من اصعب المعارك كمركب وحيد في عاصفة ، علمت نفسي بنفسي كيف أخرج من كل أزمة باقل خسائر ممكنة ، كيف اختار حروبي بحكمة ، و كيف أتقبل التغيير بيقين ان ربي لن يضيعني .
لم تعد الأيام و مفاجأتها ترهبني
هرب مني الخوف كما هرب الندم
و الحقيقة ان مكاسبي كانت اكثر و اجمل من كل الخسائر
فقد كسبت نفسي و تعلمت ان اشد ظهري في اللحظات التي يجبرني فيها العالم علي الانحناء
ان ارفع رأسي عاليا عندما تظن الدنيا انني لا املك الا ان أطأطئ رأسي
ان اسبق الدموع بابتسامة عريضه تملأ وجهي
استبدلت الندم بالفخر
و خرجت من حروبي منتصر علي الضعف
ولم اعد انتظر نظرة رضا ولا اهتم برأي
و لم اعد اخاف خرجت وانا عازم ان اعوض أحبتي عائلتي عن البعد زوجتي وابنائي ولكن وسط كل هذا لابد أن اتذكر أناس لايمكن انساهم ماحييت ولا إن افقد الامل فأنا أرى القادم افض ان شاء الله

واخيرا الحمد لله

x

‎قد يُعجبك أيضاً

قنا في عيد الصحه الثالث