بقلم / ا. د اسامة حمدي
عشت حياتي أعشق الأمثال المصرية وأرى أنها تراكمات لخبرة أجدادنا عبر التاريخ والتي ورثناها مع جيناتهم أبًا عن جد لدرجة فكرت يومًا أن أجمعها في كتاب ربما اسميه “صحيح مجرَّب” سيرًا على درب أحمد تيمور باشا الذي كان أول من جمعها. وأكبر معين لي في الأمثال المصرية هم أصدقائي الذين أعتز بهم وبحكمتهم. والأمثال المصرية تقدم نصيحة مختصرة تحمل حِكَمْ السنين زى “لاقيني ولا تغديني” و إطعم البُق تستحي العين”. وعادة ما تدعو الى مكارم الاخلاق فنقول “الراجل مربوط من لسانه”. ومن أحب الامثال الى قلبي وينطبق تمامًا على واقعنا السياسي الحالي “حبيبك يبلع لك الزلط وعدوك يتمنالك الغلط”. وأجمل ما في الامثال المصرية أنها لا تحتاج الى شرح فهى تدخل الى العقل والقلب بسرعة. فالمثل الشهير عند أمهات مصر “من خرج من داره إتْقَلْ مقداره” تقوله الأم حين تجبر على العيشة في بيت أبنائها. كما يقول الآباء “زي القرع يمد لبرّه” و “الحِنيِّة ما بتتشريش” ويقولون “يا مربي في غير ولدك يا زارع في غير أرضك”. ومن منا لم يسمع المثل القائل “يا واخد القرد على ماله يروح المال ويفضل القرد على حاله” أو المثل الذي يقول “أسمع كلامك أصدقك وأشوف أمورك أتعجِّب”. وحين كتبت من قبل عن الامثال العامية جاءني مجموعة رائعة من الامثال من جميع أصدقائي فزادت حصيلتي بالجديد من الأمثال بالنسبة لي. فقد قال صديق “لا تلوم العايب ولا ترقع الدايب”. كذلك كتب صديق المثل الدال على عزة النفس “إللى متربى فى الخير يشم إيده يشبع”. وكتبت صديقة عن جدتها قولها في عدم التدخل فيما لا يعنيك “اردب ما هو لك ما تحضر فى كيله.. حتتعفر دقنك و حتتعب فى شيله” وهو تطوير للمثل القائل “ما ينوب المخلص إلا تقطيع هدومه”. ومن أظرف الامثال التي قالها الأصدقاء “هدية القرفان لمونة!!” وكذلك قال صديق عن حال الغلابة “قالوا للأعمى زوَّق عصايتك قال يعني من حبي فيها!!” وقال آخر “بيحسدو الغجر على ضل الشجر”. أما المثل الشهير “أقرع ونزهي” فقد جاء أصدقائي بخير منه فقالوا “زي ديك الخمسين عريان ومزنطر” ومن أجمل ما كتبوا المثل القائل عن حال البعض “قبل ما يبني الجامع إترصت العميان!!” و “زي غيط الكرنب كله روس!!”وقال صديق مثلًا مؤلمًا عن نكران الجميل فقال”لما يطيب العليل ينسى جميل المداوي!!”. وقال صديق آخر في اللامعقول “مكسَّحة وتقول للصايغ تقَّلي الخلخال”. ومن الامثلة خفيفة الدم التي قالها أحد الأصدقاء مثلًا عن الغباء في قراءة المستقبل يقول “يا عّم يامزين شعر راسي إسود ولا أبيض قال دلوقتي ينزل عليك وتشوفه!!!”. وفي نصائح الزواج قال صديق خبير ومجرب “ما تاخدش ام كُحل ولبانه دى وقت العجين تعمل عيانه “. وعن مُدعي المعرفة قال صديق “هو كل من نفخ طبخ!!”. وأرسل صديق مجموعة من الامثال الجديدة والطريفة جدًا مثل “حيرتنا يا أقرع من فين نبوسك” و “ترتر وحرير على غطا زير”. وقال صديق عجوز ومتصابي “حب العواجيز طعمه لذيذ”. وقال صديق طهقان “ربنا ريح العريان من تعب الغسيل”. وقال خبير إستراتيجي “دق الطاسة تجيك ألف رقاصة”. وقال صديق ليحسم جميع مواضيع النقاش “اللي عاجبه عاجبه واللي ما هو عاجبه ينتف حواجبه”. وحيث أن قيمة الفلوس قد ضغت على قيمة العلم في عصرنا الميمون فقد قال صديق “شنب ما تحته فلوس يحتاج له موس” ياترى كام موس نريد؟ وقال صديق مثل أضحكني يقول “سكران يضرب في ميت لا الأول داري ولا الثاني حاسس به” والله صح!! وعن إعلامنا الحالى قال أحد أصدقائي “علشان حتة بطيخ عمل مشكلة وصريخ”. وعن قلة الحيلة عبر صديق بفصاحة قائلًا “كل الجِمال بتتعارك الا جملنا البارك”. وما لم أفهمه قول صديق “عامل نفسه من بنها” ولا أعرف لماذا بنها بالذات وليس شبين الكوم؟ ومن الامثلة المعبرة عن إصلاح الحال المايل بحسم “اللي ما يقدر عليه القَدوم يقدر عليه المنشار” . ومن أجمل ما رأيته حوار بين أصدقائى بالامثال فقد قال الأول “آخرة الغَّز علقة” فرد آخر “آخر الزمر طيط” فرد ثالث بمثل غريب يقول “لا تذم ولا تُشكر الا بعد سنة و ست أُشهُر” ولا أعرف لماذا لا تكون أربعة سنوات مثلًا؟!! ودخل صديق في الحوار ليقول “كل ما نقول إنسَّدت نلاقي غيرها جدَّت” فرد عليه آخر بقوله “قرد يسلينى ولا قمر يغمني” فرد خبير محنك بمثل معبر تمامًا يقول ” مايفرقعش الا الصفيح الفاضي!!” وختم الحوار صديق عاقل بأخف الأمثال روحًا يقول “لولا المجانين ماكانش العُقلا كلوا بلح!!”. وحيث أن الكثيرين يعيشون في وهم “آه لو لعبت يازهر” فقد قال صديق مُجَدِّدًا “الحظ لما يواتي يخلي الأعمى ساعاتي”. ومن أجمل ما سمعت مثل سياسي أعجبني جدًا “قال يا با عايز ابقي عُمدة قالو استني أمَّا اللي عارفين ابوك يموتوا” فقلت ما قولتهوش ليه من زمان! أما أمثلة قلة البخت فهى كثيرة ولكن الجديد منها المثل القائل “جيت اشتغل فى الحِنَّه كترت الاحزان جيت اشتغل مسحراتى لغولي رمضان!!”. وعن حالنا الاقتصادي قال صديق واقعي التفكير “عشمني بالحلق خرمت أنا وداني لا خرم ودنى انسد ولا الحلق جاني!!” قلت له حييجي إن شاء الله بس خليك صابر من غير خرم الحلق! فقال “اللي فى الحله تطلعه المغرفة” فرد عني صديق آخر “يرزق الديب العجوز بالنعجه السمينه” وقال آخر “اللى استكتر غموسه اكل عيش حاف” فرد صديق حكيم بخبرة السنين ” حطت عجلها و مدت رجلها”. وقال خبير مثله آخر “ياما دقت على الراس طبول”. وقال آخر “عريانين ومأفأفين وجابوا بعشاهم ياسمين!!”. قلت كفاية سياسة “ان جاعوا زنوا وان شبعوا غنوا”. فرد علي الأول “إن كنتم نسيتوا اللي جَرَا هاتوا الدفاتر تنقرا”. فرد صديق صامت صمت الدهر “الافعي تلهيك وتدهيك والي فيها تجيبو فيك”. فرد عليهم المحنك منا “مسيرك يا ملوخية تيجى تحت المخرطة!!”. ومن أطرف الأمثلة التي قالها الأصدقاء عن المحسوبية “إللي راسها بتوجعها سيط ابوها ينفعها”. فرد عليه فورًا آخر “زي الخنفسة لاتتاكل ولا يتلعب بيها”. وكنت دائما أقول المثل الشهير “المَيَّه تكَّذِب الغَّطاس” فقال صديق لي بديلًا جديدًا عنه “قالوا الجمل طِلع النخلة قالوا أدى الجمل وادى النخلة!!”. وقال صديقة خبيرة بالامثال مجموعة من الأمثال تبدأ كلها بكلمة (اللي) زي ” اللى تكره وشه يحوجك الزمان لقفاه…واللى رَبَّى أحسن من إللى اشترى…واللى عاوز تحيرُه خيرُه…واللى قيدنى بيفتل لك….واللى يحسب الحسابات فى الهنا يبات…فقلت لها “واللى يربط فى رقبته حبل ألف مين يسحبه!!”. أما المثل الذي أصابني بالإكتئاب فيقول “المغلوب مغلوب وفي الآخر يضرب بالطوب” ليه بس كده؟. وقال صديق حويط “يا نحله ﻻ تقرصينى وﻻ عايزة عسل منك”. ومن الامثلة المضحكة التي سمعتها من أصدقائي “حسدوا الاقرع علي تُقل حواجبه” والمثل الذي قاله أعز أصدقائي “ماتعملش للقرد قيمه وتزعل لما يتنطط عليك”. وما قاله صديق عزيز “الجاموسة بتولد ….والثور بيحزق … ليه ؟ قالوا أهو تحميل جمايل” والمثل المعبر جدًا عن حاله الفهلوة عندنا “مبروم على مبروم ميلفش “. أمًا عن المبررات لأفعال البعض فقد قال أحد المُبررين “اللوح قال للمسمار انت ليه فلقتني رد المسمار لو شفت الدق على دماغي كنت عذرتني”!!! فعلًا أعتز بجميع أصدقائي وكنوزهم من حكمة الجدود والتي أتمني أن يعطيني الله العمر والصحة لأجمعها في كتاب “صحيح مجرَّب”. فعلًا مصر عندها أحلى شعب بأعظم موروث من أجمل حضارة! والآن من منكم يدلو بدوله ويزيدنا بمثل من تجارب جدوده؟
د. أسامة حمدي